للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ .. تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ".

===

والهمزة في قوله: (أولا أدلكم على شيء) داخلة على محذوف؛ تقديره: أتستغربون ذلك ولا تفهمونه؟ أدلكم أيها المؤمنون على شيء (إذا فعلتموه) وقلتموه .. (تحاببتم؟ ) أي: يحصل التحاب والتواد بينكم .. أقول لكم في بيان ذلك الشيء: (أفشوا) أي: بقطع الهمزة المفتوحة؛ أي: أكثروا وأشيعوا (السلام بينكم) أيها المؤمنون خاصة.

قال القرطبي: وإفشاء السلام: إظهاره وإشاعته بينكم، وإقراؤُه على المعروف لكم وعلى غير المعروف.

ومعنى: "لا تؤمنوا حتى تحابوا" أي: لا يكمل إيمانكم ولا يكون حالكم كحال مَن كَمُل إيمانه حتى تفشوا السلام الجالب للمحبة الدينية والألفة الشرعية.

قال النووي: وفي الحديث حث عظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لَمْ تعرف؛ كما روي في الحديث الآخر، والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وبإفشائه يحصل ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل الباطلة، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين.

وقد ذكر البخاري رحمه الله تعالى في "صحيحه" عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ثلاث من جمعهن .. فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبَذْلُكَ السلامَ للعالَم، والإنفاق من الإقتار.

وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الثلاثة المذكورة؛ من السلامِ على العالَم، والسلامِ على من عرفت ومن لا تعرف، وإفشاء السلام .. كلها بمعنىً واحد.

وفيها لطيفة أخرى؛ وهي أنَّها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد

<<  <  ج: ص:  >  >>