قال القرطبي: ليس قوله: (فسلمت عليه) مناقضًا لقوله في الرواية الأخرى: (استأذن ثلاثًا) لأن أبا موسى رضي الله تعالى عنه كان قد جمع بين السلام والاستئذان ثلاثًا؛ كما جاء منصوصًا عليه في الرواية الثالثة من "مسلم". انتهى من "المفهم".
قال الأبي: الاستئذان مشروع، وصورته: أن يقول: السلام عليكم، وإن شاء .. زاد: هذا فلان، على ما سيأتي آنفًا. انتهى.
وقال الطيبي: وأجمعوا على أن الاستئذان مشروع، وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة، والأفضل أن يجمع بين السلام والاستئذان، واختلفوا في أنه هل يستحب تقديم السلام أو الاستئذان، والصحيح تقديم السلام؛ فيقول: السلام عليكم، أأدخل؟
وعن الماوردي: إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله .. قدم السلام، وإلا .. قدم الاستئذان.
قلت: وهو بظاهره يخالف ما سبق من حديث السلام قبل الكلام. انتهى.
قوله:(استأذن ثلاثًا على عمر فلم يؤذن له فانصرف) واختلفت الروايات في بيان سبب عدم الإذن له ثلاثًا: فأخرج البخاري في "صحيحه" في كتاب البيوع ما يدلُّ على أن عمر رضي الله تعالى عنه كان مشغولًا بأمر.
وأخرج أيضًا في "الأدب المفرد" أن عمر أراد تأديبه؛ لما بلغه أنه كان قد يحتبس على الناس حال إمرته بالكوفة، ولفظ البخاري في "الأدب المفرد": (يا عبد الله؛ اشتد عليك أن تحتبس على بابي؟ ! اعلم أن الناس كذلك يشتد عليهم أن يحتبسوا على بابك) ولا منافاة بين الوجهين، فيمكن أن يكون عمر رضي الله عنه أراد التأديب وكان مع ذلك في شغل. انتهى "تكملة".
واعلم: أن ما ذكر من الاستئذان بالكلام إذا كان صاحب البيت يسمع صوته،