للاستغراق، وخبره:(باطل) ومعناه: أي: فان مضمحل، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في حقه:(أصدق كلمة) لموافقة المصراع لأصدق الكلام؛ وهو قوله تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}(١).
وقوله:(ما خلا الله) بنصب الجلالة بـ (خلا) والمعنى: كل شيء خلا الله وخلا صفاته تعالى فان، إلا ما شاء الله تعالى، أو المعنى: كل شيء سوى الله تعالى جائز عليه الفناء لذاته. انتهى "قسطلاني".
والمراد: أن الله تعالى هو المستقل بالوجود، وليس في الكون ما يستقل بوجوده إلا الله تبارك وتعالى؛ فإنه لا يحتاج إلى خالق موجد، بخلاف جميع الأشياء؛ فإنها تحتاج إلى مكون وموجد لها، وهذا طرف من قصيدته المشهورة، وفيها:
ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ
إذا المرء أسرى لَيْلَةً ظنَّ أنه ... قضى عملًا والمرء ما عاش عامل
حبائلُه مَبْثُوثَةٌ بِسَبِيلهِ ... ويَفْنَى إذا ما أَخْطَأَتْه الحبائلُ
وكلُّ ابنِ أنثى لو تطاول عمره ... إلى الغايةِ القُصوى فللموت آيلُ
وكل أُنَاسٍ سوف تدخلُ بينهم ... دُوَيْهيةٌ تَصْفَرُّ مِنها الأناملُ
وكل امرئ يومًا سيعلمُ سَعْيَهُ ... إذا كُشفَتْ عند الإلهِ المحَاصِلُ
وهذه الأبيات من قصيدة لامية من الطويل؛ ومعنى باطل: زائل، والنعيم: ما أنعم الله به على عباده، (ولا محالة) - بفتح الميم - أي: لا بد، وقيل: لا حيلة.
وقال بعضهم: الجنة نعيم، وهي لا تزول أبدًا، فكيف يقول: وكل نعيم .. إلى آخره؟ أجيب عنه بجوابين: