(قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتناجى اثنان دون الثالث) منهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الاستئذان، ومسلم في كتاب السلام، وأبو داوود في كتاب الأدب، والترمذي في كتاب الأدب.
فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث المذكور قبله.
قوله:(نهى أن يتناجى اثنان ... ) إلى آخره، وصراحة النهي في هذا الحديث دون العلة، وفي الأول العلة دون النهي .. من باب الاحتباك البديعي، وهو من المحسنات اللفظية، وعلة النهي؛ كما في الأول: أن تناجيهما في ون الثالث يوقع الحزن والهم في قلبه، وذلك إيذاء له، وإيذاء المسلم حرام، فالنهي هنا للتحريم؛ كما قاله النووي فيما مر، وحاصل حكم الباب: أن التناجي إنما يمتنع إذا بقي في المجلس رجل واحد منفرد عن المتناجين، أما إذا كان معه رجل آخر .. فلا بأس بتناجي الباقين؛ لأنه يمكن له أن يستأنس بصاحبه.
وظاهر إطلاق الحديث أنه لا فرق في ذلك بين الحضر والسفر، وهو قول الجمهور، وقولنا:(يوقع الهم والحزن في قلبه) وذلك لأنه يظن في قلبه أن الحديث عنه بما يكره، أو أنهم لم يروه أهلًا ليشركوه في حديثهم، إلى غير ذلك من أُلْقِيَاتِ الشيطان وأحاديث النفس، وحصل ذلك كله من بقائه وحده، فإذا كان معه غيره .. أمن من ذلك، وعلى هذا يستوي في ذلك كل الأعداد، فلا يتناجى أربعة دون واحد، ولا عشرة ولا ألف مثلًا؛ لوجود ذلك المعنى في