(وأنا معه حين يذكرني) أي: بالإجابة والقبول بمقتضى وعده وجزيل فضله.
قال الحافظ: قوله: (أنا عند ظن عبدي بي) أي: قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به.
قال الكرماني: وفي السياق إشارة إلي ترجيح جانب الرجاء على الخوف، وكأنه أخذه من جانب التسوية؛ فإن العاقل إذا سمع ذلك .. لا يعدل إلي ظن الوعيد، وهو جانب الخوف؛ لأنه لا يختاره لنفسه، بل يعدل إلي ظن وقوع الوعد، وهو جانب الرجاء، وهو كما قال أهل التحقيق: مقيد بالمحتضر.
ويؤيد ذلك: حديث: (لا يموتن أحدكم إلا هو يحسن الظن بالله).
(وإن ذكرني في ملأ) وجماعة من الناس .. (ذكرته في ملأ خير منهم) وهم الملائكة يعني: أن من ذكره في ملأ من الناس .. ذكره الله تعالى عند ملأ من الملائكة، أي: أثنى عليه ونَوَّه باسمه في الملائكة، وأمرَ جبريل أن ينادي بذكره في ملائكة السماوات، وهذا ظاهر في تفضيل الملائكة علي بني آدم، وهو أحد القولين للعلماء، وللمسألة غَوْرٌ ليس هذا محل ذكره.
(وإن اقترب إلي شبرًا): وهو ما بين طرف الإبهام وطرف الخنصر أو الوسطى .. (اقتربت إليه ذراعًا): وهو شبران (وإن أتاني) حالة كونه (يمشي) برجليه على عادته بلا إسراع في المشي (أتيته هرولة) أي: مسرعًا.
والمذهب الصحيح أن قرب الله إلي عبده ذراعًا أو باعًا وهرولته إلي عبده صفة ثابتة لله تعالى، نثبتها ونعتقدها، لا نكيفها ولا نمثلها ولا نؤولها تأويلًا تفصيليًا، ليس كمثله شيء؛ لأنه من أحاديث الصفات التي يصرف ظاهرها عن حقيقته مع عدم التأويل لها.
وقال القرطبي: هذه كلها أمثال ضُرِبَتْ لمن عَمِل عملًا من أعمال الطاعات