وقصد به التقرب إلى الله تعالى، يدل على أن الله تعالى لا يُضِيعُ عملَ عامل وإن قلَّ، يقبلُه ويجعل له ثَوابَه مضاعفًا.
فإن قيل: مقتضى ظاهر هذا الخطاب: أن من عمل حسنة .. جوزي بمثليها؛ فإن الذراع شبران، والباع أربعة أذرع، وقد تقرر في الكتاب والسنة أن أقل ما يجازى على الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة لا تحصى، فكيف وجه الجمع؟ !
قلنا: هذا الحديث ما سيقَ لبيان مقدار الأجور وعددِ تضاعيفها، وإنما سِيقَ لتحقيق أن الله تعالى لا يُضِيعُ عمل عامل؛ قليلًا كان أو كثيرًا، وأن الله يُسرع إلي قبوله وإلي مضاعفة الثواب عليه إسراعَ مَنْ جِيء إليه بشيء فبَادر لأخذه وتَبَشْبَشَ له بَشْبَشة مَنْ سُرَّ به، ووقَعَ منه الموقع، ألا ترى قوله:(وإن أتاني يمشي .. أتيته هرولة) وفي لفظ: (أسرعتُ إليه)؟ !
ولا تقدر الهرولة والإسراع بضعفي المَشْي، وأما عدد الأضعاف .. فيؤخذ من موضع آخر لا من هذا الحديث، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}(١)، وفي مواضع أخر، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الذكر والدعاء، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في حسن الظن بالله عز وجل، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.