للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالذِّلَّة، وَأَنْ تَظْلِمَ أَوْ تُظْلَمَ".

===

(و) تعوَّذوا من (الذِّلة) أي: ومن أن تكونوا ذليلين في أعين الناس بحيث يسْتَخِفُّونَ بكم ويُحقِّرون شأنكم، والأظهر: أنَّ المرادَ بها: الذلةُ الحاصلةُ من المعصية، أو التذلُّل للأغنياء على وجه المسكنة؛ والمراد بهذه الأدعية: تعليمُ الأمة، قال الطيبي: أصلُ الفقر: كَسْرُ فَقارِ الظهر.

والفقرُ يُستعمل على أربعة أوجه:

الأول: وجودُ الحالة الضرورية؛ وذلك عامٌّ للإنسان ما دام في الدنيا، بل عام في الموجودات كلِّها؛ وعليه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} (١).

والثاني: عدمُ المقْتَنَياتِ؛ وهو المذكور في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢)، و {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (٣).

والثالثُ: فَقْرُ النفس؛ وهو المقابلُ بقوله: (الغِنَى غِنَى النفس).

والمعنيُّ بقولهم: من عدم القناعة .. لم يُفده المالُ غنىً.

والرابعُ: الفقر إلى الله المشار إليه بقوله: (اللهم؛ أغنني بالافتقار إليك، ولا تُفْقِرني بالاستغناءِ عنك) وإياه عَنَى اللهُ تعالى بقوله: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (٤).

والمستعاذ منه في الحديث هو القسم الثالث، وإنما استعاذ صلى الله عليه وسلم من الفقر الذي هو فقر النفس لا قلة المال.

(و) تعوذوا من (أن تظلمـ) ـوا غيرَكم؛ بالبناء للمعلوم (أو) من أن (تظلمـ) ـوا


(١) سورة فاطر: (١٥).
(٢) سورة البقرة: (٢٧٣).
(٣) سورة التوبة: (٦٠).
(٤) سورة القصص: (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>