(ولا تدابروا) أي: ولا تفعلوا فيما بينكم فعل المتباغضين الذين يدبر كل واحد منهما عن الآخر؛ أي: يوليه دبره؛ من المدابرة؛ وهو جعل كل واحد من المتباغضين دبره وقفاه إلى الآخر، ولا يواجهه بوجهه؛ بغضًا له وكراهية رؤية وجهه، وهي كناية عن المقاطعة.
(وكونوا) يا (عباد الله إخوانًا) أي: مثل إخوان النسب في الشفقة والرحمة والمودة والمواساة والمعاونة والنصيحة؛ كما أمركم الله سبحانه وتعالى بكونكم إخوانًا أمرًا ضمنيًا لا صريحًا بقوله:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(١)، فإنه خبر عن الخصلة المطلوبة للمؤمنين التي ينبغي لهم أن يكونوا عَلَيْهَا، ففيها معنى الأمر.
ويحتمل أن يريد بأمر الله هذا: الأمر الذي هو قوله تعالى: (كونوا إخوانًا) لأن أمره صلى الله عليه وسلم هو أمر الله، وهو مبلغ له.
قال النووي: والمعنى: أي: تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال. انتهى منه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" بطرق كثيرة، وأحمد في "مسنده"، ومسدد في "مسنده"، والحميدي في "مسنده"، وأحمد بن منيع وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"، وإسناده صحيح، وابن حبان في "الموارد" في كتاب الحذور والإباحة، باب الكذب، وإسناده صحيح، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن السيئ ونحوه.