فلم أر أن يستجاب لي) ويترك .. يكون قانطًا من رحمة الله تعالى، وفي صورة الممتن بدعائه على ربه، ثم إنه جاهل بالإجابة؛ فإنه يظنها إسعافه في عين ما طلبه؛ فقد يعلم الله تعالى أن تأخيره إلى وقت آخر أصلح للداعي، وقد يؤخره؛ لأنه سبحانه يحب استماع دعائه ودوام تضرعه، فتكثر أجوره حتى يكون ذلك أعظم وأفضل من عين المدعو به لو قضي له، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"ما من داع يدعو .. إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر، وإما أن يكفر عنه" رواه الترمذي (٣٥٦٨).
ثم بعد هذا كله: فإجابة الدعاء وإن وردت في مواضع من الشرع مطلقة .. فهي مقيدة بمشيئة الله تعالى؛ كما قال تعالى:{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ}(١). انتهى من "المفهم".
وفي رواية لمسلم:(لا يزال) الدعاء (يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل) والمراد بـ (العبد) هنا: العبد الصالح؛ لقبول دعائه؛ فإن إجابة الدعاء لا بد لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به.
فمن شروط الداعي:
- أن يكون عالمًا بأنه لا قادر على حاجته إلا الله تعالى، وأن الوسائط في قبضته ومسخرة بتسخيره.