المبشرة الصادرة (من الرجل) المصالح (جزء) واحد من الأجزاء المذكورة في النبوة، إذا قسمنا النبوة إلى تلك الأجزاء.
وقد تقدم كلام المازري في حقيقة الرؤيا، وقال غيره في بيان حقيقتها: إن لله تعالى ملكًا موكلًا، يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم، فيمثل له صورًا محسوسة؛ فتارة تكون تلك الصور أمثلةً موافقةً لما يقع في الوجود، وتارة تكون لمعان معقولة غير محسوسة، وفي الحالتين تكون مبشرة ومنذرة.
قلت: وهذا القول مثل ما تقدم عن المازري في المعنى، غير أنه زاد قضية الملك، ويحتاج في ذلك إلى توقيف من الشرع؛ إذ يجوز أن يخلق الله سبحانه وتعالى تلك التمثيلات من غير ملك.
والحق: تفويض علم حقيقتها إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه من المغيبات التي استأثر الله تعالى بعلمها، إلَّا ما ورد التوقيف فيه من الشرع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التعبير، باب رؤيا الصالحين، ومالك في "الموطأ" في كتاب الرؤيا، باب ما جاء في الرؤيا.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال السندي: قوله: "جزء من ستة وأربعين" حقيقة التجزي لا تدري، والروايات أيضًا مختلفة، والقدر الذي أريد إفهامه: هو أن الرؤيا لها مناسبة بالنبوة من حيث إنها اطلاع على الغيب بواسطة الملك إذا كانت صالحة. انتهى منه.