أو يُخوِّف أو يحزن به، وهذا النوع هو المأمور بالاستعاذة منه بقوله صلى الله عليه وسلم:(فإذا رأى) أي: حَلَم (أحدكم) أيها المسلمون في نومه (شيئًا يكرهه) أي: منامًا يكرهه ويحزنه ويخوفه .. (فليبصق عن) جهة (يساره ثلاثًا) من المرات (وليستعذ بالله) تعالى (من) وقوع شر (الشيطان) وضرره (الرجيم) أي: المرجوم ذلك الشيطان من الله الملعون عنده تعالى (ثلاثًا) من المرات.
وفي رواية مسلم زيادة:(فإنها) أي: فإن تلك الرؤية (لن تضره) بوقوع ضرره عليه؛ معناه: أنه تعالى جعل هذا سببًا لسلامته من مكروه يترتب؛ كما جعل الصدقة وقايةً للمال وسببًا لدفع البلاء، كذا في "النووي" كما مر.
(وليتحول) أي: ولينتقل (عن جنبه الذي كان) مضطجعًا (عليه) أولًا إلى جنب آخر؛ تفاؤلًا بتغير حاله من خوف إلى بشارة.
وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منها؛ لأنها من تخييلات الشيطان وتشويشاته، فإذا استعاذ الرائي منه صادقًا في التجائه إلى الله تعالى، وبصق عن يساره ثلاثًا، وتحول عن جنبه الذي كان ينام عليه أولًا؛ كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وصلى ركعتين .. أذهب الله عنه ما أصابه وما يخافه من مكروه ذلك، ولم يصبه منه شيء ببركة صدق الالتجاء إلى الله تعالى وامتثال أوامره صلى الله عليه وسلم، وكان فعل هذه الأمور كلها مانعًا من وقوع ذلك المكروه؛ كما يقال: إن الدعاء يدفع البلاء، والصدقة تدفع ميتة السوء، وكل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، ولكن الوسائط والأسباب عاديات - جمع عاديٍّ؛ وهي المعونة - لا موجدات.