وهذا الخبرُ قد وَقَع مُخْبَرهُ كما قال صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك من دلائلِ نبوته؛ وذلك أنَّ مُلْكَ أمته اتَّسع إلى أن بلغ أقصَى بَحْرِ طَنْجَةَ الذي هو منتهى عِمارة المغرب إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهرِ وكثيرٍ من بلاد الهندِ والسندِ والصُّغْد، ولم يَتَّسِع ذلك الاتساع مِن جهةِ الجنوب والشمال، ولذلك لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه أُرِيَهُ، ولا أُخْبِرَ أن ملك أمته يبلغه. انتهى من "المفهم".
(وإني سألت الله عز وجل) لأمتي؛ كما هو مصرح به في رواية مسلم:(ثلاثًا) من الخصال؛ أحدها:(ألا يسلط على أمتي جوعًا) وقحطًا (فيهلكهم به) أي: بذلك الجوع (عامة) أي: حالة كون ذلك الجوع سنةً عامةً؛ أي: شاملةً لكل الأمة؛ أي: عامة لجميع بلدان المسلمين في وقت واحد، وهكذا وقع، فلم يصب المسلمين قحط عام حتى الآن، بل إذا وقع بأرض .. اقتصر بها ولم يعم بلاد المسلمين قاطبةً، قال القرطبي: أراد بالسنة: الجدب العام الذي يكون به الهلاك.
ويسمى الجدب والقحط: سنةً، ويجمع على سنين؛ كما قال تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}(١)؛ أي: بالجدب المتوالي.
وثانيها: ما ذكره بقوله: (و) سألته أيضًا: (ألا يلبسهم) أي: ألا يلبس أمتي ويخلطهم ويجعلهم (شيعًا) أي: فرقًا مختلفة المذاهب والعقائد (ويذيق) الله (بعضهم بأس بعض) آخر؛ أي: ضررَهُ بالمحاربة؛ أي: سألته ألا يجمعهم متحاربين فيما بينهم (وإنه) لم يجب لي ذلك؛ لأنه (قيل لي) أي: لأن