ربي قال لي في ذلك: يا محمد (إذا قضيت قضاءً) في أمتك بالمخالفة والمحاربة فيما بينهم .. (فلا مردَّ له) أي: لا راد لذلك القضاء ولا محالة من وقوعه (و) لكن استجيب لي السؤال الأول؛ حيث قال لي ربي:(إني لن أسلط على أمتك جوعًا فيهلكهم) الله تعالى (فيه) أي: بسبب ذلك الجوع ويستأصلهم، ولفظ:(في) بمعنى الباء السببية.
وترك المؤلف السؤال الثالث، وذكره في مسلم بقوله:(و) سألته: (ألا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم) الجار والمجرور صفة (عدوًّا) أي: عدوًّا كائنًا من غير أنفسهم.
وإنما قيده بهذا القيد؛ لما ذكر في حديث سعد المذكور في "مسلم": أنه صلى الله عليه وسلم كان قد دعا الله تعالى ألا يجعل بأس أمته فيما بينهم، فمُنع من ذلك فلم يستجب له، وكما ذكره المؤلف آنفًا بقوله:(وإنه قيل لي: إذا قضيت قضاءً .. فلا مَردَّ له)، وذكر المؤلف إجابة هذا الثالث بقوله:(ولن أجمع عليهم) أي: على أمتك أعداءهم (من بين أقطارها) أي: من بين أقطار الأرض ونواحيها فيستبيحَ ذلك العدوُّ بَيْضَتَهم وجماعتَهم، قال القرطبي: وبيضةُ المسلمين: معظمهم وجماعتهم ودولتهم.
والمعنى: أن الله تعالى لا يسلط العدو على كافة المسلمين حتى يستبيح ذلك العدو ويأخُذَ جميعَ ما حازُوهُ من البلاد والأرض، ولو اجتمع وتوافق عليهم - أي: على أمتك - كل من في أقطار الأرض وجوانبها من أعدائهم.
وقوله:(حتى يُفْنِي) - بضم الياء - من الإِفناء؛ أي: حتى يعدم ويهلك (بعضهم) أي: بعض أمتك (بعضًا) آخر منهم؛ غاية لقوله: (ولن أجمع