عليهم) أي: ولن أجمع على استئصال أمتك مَن سِواهم من الأعداء، حتى يُفْنِي ويُهلِك بعضُ أمتك بعضًا آخر منهم.
وقوله:(و) حتى (يقتل بعضهم) أي: بعض أمتك (بعضًا) آخر منهم عطف تفسير لقوله: (حتى يفني بعضهم بعضًا) والمعنى: لَنْ أُسلِّط على أمتك عدوًا مِن سواهم، ولكن يتعَادى بعضُهم بعضًا، فيتَقَاتَلُون فيما بينهم؛ لكونهم شِيَعًا متفرقةً.
وفي رواية مسلم زيادة:(و) حتى (يسبي بعضهم) أي: بعض المسلمين ويأسر (بعضًا) آخر منهم.
وهذه الجملة - أعني: جملة الغاية - تحتمل معنيين؛ الأول: أن يكون الضمير في (بعضهم) عائدًا على المسلمين؛ والمعنى حينئذ: أن أعداء المسلمين لا يستطيعون أن يستبيحوا بيضتهم، ولكن قد يكون المسلمون أنفسهم يتقاتلون فيما بينهم فيهلك بعضهم بعضًا ويأسر بعضهم، وبهذا التفسير جزم الطيبي.
والاحتمال الثاني: أن يكون الضمير في قوله: (بعضهم) عائدًا على أعداء المسلمين؛ فيكون المراد: أنهم كلما اجتمعوا لاستئصال المسلمين .. لم يتمكنوا من ذلك حتى تصير عاقبتهم إلى المقاتلة فيما بينهم، ويهلك بعضهم بعضًا ... إلى آخره.
فظاهرُ (حتى) الغايةُ، فيقتضي ظاهرُ الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم، إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض، وسَبي بعضهم لبعض.
وحاصل هذا: أنه إذا كان ذلك من المسلمين .. تفرقت جماعتهم، واشتغل بعضم ببعض عن جهاد العدو، فقويت شوكة العدو، واستولى عليهم؛ كما شاهدناه في أزماننا هذه في المشرق والمغرب؛ وذلك أنه لما اختلف ملوك