كموج البحر، وتتابعت؛ كقطع الليل المظلم، ثم لم تزل ولن تزال متوالية إلى يوم القيامة (وإن آخرهم) أي: آخر هذه الأمة المحمدية (يصيبهم بلاء) أي: فتن واختلاف (وأمور تنكرونها) من البدع والخرافات.
وعلى هذا المعنى الذي ذكرناه آنفًا؛ فأول آخر هذه الأمة المعنى في هذا الحديث مقتل عثمان، وهو الآخر بالنسبة إلى ما قبله من زمان الاستقامة والعافية، وقد دل على هذا قوله:"وأمور تنكرونها" والخطاب لأصحابه، فدل: على أن منهم من يدرك أول ما سماه آخر، وكذلك كان. انتهى من "المفهم".
(ثم) بعد أول هذا الآخر (تجيء فتن) كثيرة فيهم (يرقق) - بضم الياء وبالقافين أولاهما مشددة مكسورة - من الترقيق؛ أي: يصير (بعضها بعضًا) آخر رقيقًا؛ أي: خفيفًا سهلًا بالنسبة إلى ما سيقع بعدها؛ لعظم ما بعده؛ أي: فالثاني يجعل الأول خفيفًا، قال القاضي: هذه رواية الجمهور.
وفي رواية:(يرفق) - بفاء ثم قاف، على وزن ينصر - أي: يَمُدُّ بعضُها بعضًا؛ من قولهم: رفقه؛ إذا نفعه وأعانه.
وفي رواية الطبري عن الفارسي:(فيَدْفِق) - بدال ثم فاء ثم قاف، على وزن يضرب - أي: يَدْفَع ويصُبُّ من الدَّفْق؛ وهو الدفع، ومنه: الماء الدافق؛ يعني: أنها كموج البحر الذي يَدْفَعُ بعضُه بعضًا.
(فيقول المؤمن: هذه) الفتنةُ الحالَّةُ بِي الآن (مُهْلِكتي) أي: معدمتي (ثم تنكشف) وتنفرج عنه، وتزول تلك الفتنة التي خاف منها الهلاك (ثم تجيء فتنة) أخرى غير الأولى التي سلم منها (فيقول المؤمن: هذه) الثانية