للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ؛ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ؛ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟ ! ".

===

أي: على نفسك (هذا) أي: هذا اللسان الذي تتكلَّم به من تَكلُّمِ ما يضرك ولا يعنيك ولا ينفعك عاجلًا وآجلًا.

وتقديم الجار على المنصوب؛ للاهتمام به، وتعديته بعلى؛ للتضمين، أو بمعنى عن، وإيراد اسم الإشارة؛ لمزيد التعيين، أو للتحقير، وهو مفعول تكف.

وإنما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه وأشار إليه من غير اكتفاءٍ بالقول؛ تنبيهًا على أن أمر اللسان صعب.

والمعنى: لا تكلم بما لا يعنيك؛ فإن من كثر كلامه .. كثر سقطه، ومن كثر سقطه .. كثرت ذنوبه، ولكثرة الكلام مفاسد لا تحصى. انتهى من "التحفة".

قال معاذ: (قلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا نبي الله؛ وإنا) معاشر المكلفين (لمؤاخذون) بالهمز ويبدل؛ أي: يؤاخذنا ربنا ويعاقبنا أو يحاسبنا ربنا (بـ) جميع (ما نتكلم به) بلساننا؛ إذ لا يخفى على معاذ المؤاخذة ببعض الكلام، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (ثكلتك) - بكسر الكاف - أي: فقدتك (أمك)؛ وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره، ولا يراد وقوعه، بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة، وتعجيب وتعظيم للأمر؛ أي: ثكلتك أمك (يا معاذ؛ وهل يكب الناس) ويسقطهم (على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم) أي: محصوداتها وملفوظاتها؟ !

قوله: (وهل يكب) - بفتح الياء وضم الكاف - من كبه؛ إذا صرعه على وجهه، بخلاف أكب الرباعي؛ فإن معناه: سقط على وجهه، وهو من النوادر،

<<  <  ج: ص:  >  >>