للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ".

===

كالزنا وشرب الخمر .. (فمثله) أي: صفته (كمثل الذي يأبيل ولا يشبع) فيقع في الداء العضال والورطة المهلكة؛ لغلبة الحرص عليه؛ كالذي به داء جوع البقرة، وكالمريض الذي به الاستسقاء حيثما يروي، وكلما يشرب .. يزيد عطشًا وانتفاخًا.

ومعنى الحديث: أن نبات الربيع وخضره يقتل حبطًا بالتخمة؛ لكثرة الأكل، أو يقارب القتل، إلَّا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعو إليه الحاجة، وتحصل به الكفاية المقتصدة؛ فإنه لا يضره، وهكذا المال؛ هو كنبات الربيع، مستحسن تطلبه النفوس وتميل إليه؛ فمنهم: من يستكثر منه ويستغرق فيه، غير صارف له في وجوهه، فهذا يهلكه، أو يقارب إهلاكه، ومنهم من يقتصد فيه، فلا يأخذ إلَّا يسيرًا، وإن أخذ كثيرًا .. فرقه في وجوهه؛ كما تثلطه الدابة، فهذا لا يضره، هذا مختصر معنى الحديث، والله أعلم. انتهى من " فتح الملهم".

قوله: "فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع" قال الزين بن المنير: في هذا الحديث وجوه من التشبيهات البديعية:

أولها: تشبيه المال ونموه بالنبات وظهوره.

وثانيها: تشبيه المنهمك في الاكتساب والأسباب بالبهائم المنهمكة في الأعشاب.

ثالثها: تشبيه الاستكثار منه والادخار له بالشره في الأكل والامتلاء منه.

ورابعها: تشبيه الخارج من المال مع عظمته في النفوس حتى أدى إلى المبالغة في البخل به، بما تطرحه البهيمة من السلح؛ ففيه إشارة بديعة إلى استقذاره شرعًا.

وخامسها: تشبيه المتقاعد عن جمعه وضمه بالشاة إذا استراحت وحطت

<<  <  ج: ص:  >  >>