واستفتاح؛ أي: انتبهوا من غفلتكم، واستمعوا ما أقول لكم بجد واجتهاد؛ وهو قولي:(فاتقوا الدنيا) أي: احذروا زيادتها على قدر الحاجة العينة للدين النافعة في الأخرى (واتقوا النساء) أي: واحذروا كيدهن ومكرهن.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الفتن، باب ما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة، أخرجه مطولًا، وقال: هذا حديث حسن؛ لأن فيه زيد بن علي، وهو مختلف فيه؛ لأنه صدوق عند الترمذي، ضعيف عند غيره.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا أحمد، والحاكم، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والبيهقي في "سننه".
فهذا الحديث درجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أسامة بن زيد.
قوله:(قام خطيبًا) أي: واعظًا، وفي رواية الترمذي: (صلى بنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا صلاة العصر بنهارٍ، ثم قام خطيبًا، فلم يدع شيئًا يكون إلى يوم القيامة .. إلَّا أخبرنا به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، فكان فيما قال: "إن الدنيا خضرة حلوة") أي: تفتن الناس بلونها وطعمها.
قلت: التشبيه ها هنا في شيئين؛ أحدهما: حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها؛ كالفاكهة الخضراء الحلوة؛ فإن النفوس تطلبها طلبًا حثيثًا، وكذا الدنيا، والثاني: سرعة فنائها وفسادها؛ فإن الشيء الأخضر والحلو يتسارع إليه الفساد والفناء.
قوله: "فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء" معناه: تجنبوا الافتتان بها وبالنساء، قال النووي: وتدخل في (النساء) الزوجات وغيرهن، وأكثرهن