أحدهما:(فعل) بفتح الفاء وسكون العين؛ وذلك (كسهل) أي: كقولك: سهل الأمر، فهو سهل؛ إذا لان، وصعب ضد سهل، فهو صعب، وجزل زيد، فهو جزل؛ إذا كان عاقلًا.
وثانيهما: فعيل؛ وذلك (كالظريف) أي: كقولك: ظرف الرجل، فهو ظريف؛ إذا كان ذكيًّا بارعًا ... إلى آخر ما هنالك.
قال ابن دريد: الجزالة: العقل، وفي "كتاب العيني": امرأة جزلة، أي: ذات عجيزة عظيمة؛ والجزل: العظيم من كلّ شيء، ومنه: عطاء جزل، قال الأبي: ومن جزالتها أنَّها لَمْ تسأل إلَّا عن السبب؛ لتحترز منه.
والمعنى: أي: فلما سمع النساء ذلك .. علمن أن ذلك كان لسبب ذنب سبق لهن، فبادرت هذه المرأة؛ لجزالتها وشدة حرصها على ما يخلص من هذا الأمر العظيم، فسألت عن ذلك، فقالت:(وما لنا يا رسول الله) مبتدأ وخبر (أكثرَ أهل النار؟ ) بالنصب، حال من ضمير المتكلمات، أو خبر لكان المحذوفة؛ أي: وأي شيء ثبتٌ لنا حالة كوننا أكثر أهل النار؟ أو أي ذنب حصل لنا حتى كنا أكثر أهل النار؟ أو في قولك لنا: "رأيتكن أكثر أهل النار" إن قلنا: منصوب على الحكاية؛ كما في "النووي".
فأجابها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث (قال) في جواب سؤالها: لأنكن (تكثرن اللعن) قال القاضي: اللعن لغةً: الطرد، وشرعًا: الطرد من رحمة الله تعالى، ففيه أن اللعن وكفران العشير من الذنوب. انتهى.
أي: يدور اللعن علي ألسنتهن كثيرًا لمن لا يجوز لعنه، وكان ذلك عادةً جاريةً في نساء العرب؛ كما قد غلبت بعد ذلك على النساء والرجال، حتى إنهم إذا استحسنوا شيئًا .. ربما لعنوه، فيقولون: ما أشعره، لعنه الله!