وقد حكى بعضهم أن قصيدة ابن دريد كانت تسمى عندهم:(الملعونة) لأنهم كانوا إذا سمعوها .. قالوا: ما أشعره، لعنه الله!
(وتكفرن العشير) أي: تجحدن وتنكرن نعمة الزوج وإحسانه إليكن، قال القاضي: العشير: الزوج والزوجة؛ لأنه من المعاشرة، وكل منهما معاشر الآخر، والعشير أيضًا: الخليط والصاحب مطلقًا؛ والمراد به هنا: الزوج؛ لأنه شرحه بما يرجع إلى معنى الزوج، وأيضًا: فاستحقاقهن النار يدلُّ: على أنه الزوج؛ لعظم حقه عليهن دون غيره.
قال النووي: كفران العشير كبيرة؛ للعقوبة عليه بالنار، وأما اللعن .. فمن المعاصي الصغائر، لا أنه كبيرة؛ لقوله:"وتكثرن اللعن".
والصغيرة إذا كثرت .. صارت كبيرة، واتفقوا على أنه لا يجوز لعن المعين وإن كان كافرًا؛ لأن اللعن إبعاد من رحمة الله تعالى، ولا يبعد عنها من لا تعرف خاتمته، إلَّا أن يعلم بنص أنه مات أو يموت كافرًا، كأبي لهب وإبليس.
والمراد بـ (العشير): الزوج، وبـ (الكفر): كفران الحقوق.
ويدل على صحة الأمرين حديث "الموطأ "الذي فيه: الكفرهن، قيل: أيكفرن بالله؟ فقال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا لا يوافق هواها .. قالت: ما رأيت منك خيرًا قط) رواه مالك في "الموطأ" من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
قال العيني في "عمدة القاري": في هذا الحديث دلالة على عظم حق الزوج،