للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ

===

والدليل عليه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد .. لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، ولأجل هذا المعنى خص كفران العشير من بين أنواع الذنوب، وقُرِنَ بحق الله تعالى، فإذا كفرت المرأة حق زوجها، وقد بلغ من حقه هذه الغاية .. كان ذلك دليلًا على تهاونها بحق الله تعالى، فلذلك أطلق عليها الكفر، لكنه كفر لا يخرج من الملة، فالكفر المطلق .. هو الكفر بالله، وما دون ذلك يقرب منه.

وتحقيق ذلك: ما قاله الأزهري: الكفر بالله أنواع: ! نكار، وجحود، وعناد، ونفاق، وهذه الأربعة من لقي الله تعالى بواحد منها .. لَمْ يغفر له.

فالأول: أن يكفر بقلبه ولسانه، ولا يعرف ما يذكر له من التوحيد؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ... } الآية (١)؛ أي: الذين كفروا بالتوحيد، وأنكروا معرفته.

والثاني: أن يعرف بقلبه ولا يقر بلسانه، وهذا ككفر إبليس عليه لعنة الله والناس أجمعين، وبلعام، وأمية بن أبي الصلت.

والثالث: أن يعرف بقلبه ويقر بلسانه، ويأبى أن يقبل الإيمان بالتوحيد والانقياد؛ ككفر أبي طالب.

والرابع: أن يقر بلسانه وينكر بقلبه؛ ككفر المنافقين. انتهى منه.

ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين) فهو معطوف على (تكثرن اللعن) على كونه مقولًا لقال، وقال القرطبي: وقوله: "ما رأيت من ناقصات عقل" صفة لموصوف محذوف هو مفعول أول لرأيت، على أن الرؤية علمية، وقوله: (أغلب) مفعول ثان له.


(١) سورة البقرة: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>