فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة".
قال الخطابي: هو من استلذاذ العيش؛ لأن الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء، ويستطيلون مدة المكروه وإن قصرت، ومن طريق ما يروى فيه قول الشاعر:
إن الحياة منازلٌ ومراحلٌ ... تطوى وتنشر دونها الأعمارُ
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصارُ
وهذا التفسير حسن، ولكن لا ينبغي تقييده باستلذاذ العيش؛ فإن سرعة مرور الزمان يمكن لها أسباب أخرى، يقول الحافظ في "الفتح" (١٣/ ١٦): فإنا نجد من سرعة مر الأيام ما لَمْ نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا، وإن لَمْ يكن هناك عيش مستلذ.
- قال القاضي عياض: المراد بقصره: عدم البركة فيه، وإن اليوم مثلًا يصير الانتفاع به بقدر الانتفاع بالساعة الواحدة.
- قال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان وقصره على ما وقع في حديث: "لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر" وعلى هذا، فالقصر يحتمل أن يكون حسيًا، ويحتمل أن يكون معنويا.
أما الحسي .. فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة، وأما المعنوي .. فله مدة منذ ظهر يعرف ذلك أهل العلم الديني، ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي؛ فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك، ولا يدرون العلة فيه، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان؛ لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه.