(فدحرجه) أي: أسقط ذلك الحصى (على ساقه) أي: على ظهر قدمه.
وفي "مسلم": (على رجله) وفي كلا الروايتين إطلاق الكل وإرادة الجزء؛ أي: على ظهر قدمه تمثيلًا وتصويرًا؛ لتدحرج الجمر والحصى على الرجل، والمذكور من قوله:(كجمر دحرجته) كلام مدرج في الحديث، أدرجه حذيفة رضي الله تعالى عنه؛ لزيادة البيان والإيضاح؛ أي: إيضاح المعقول بالمحسوس.
(قال) النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فيصبح الناس يتبايعون ... ) إلى آخره، معطوف على قوله:(فتنزع الأمانة) فهو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: فتنزع الأمانة من قلبه، فيظل أثرها كأثر المجل، فيصبح الناس الذين قبضت الأمانة من جذر قلوبهم (يتبايعون) أي: يتعاقدون عقد البيع والشراء في الصباح بعدما نزعت الأمانة من جذر قلوبهم في نومة الليل؛ يعني: في الغفلة الواقعة منهم قبل ذلك (و) الحال أنه إلَّا يكاد) أي: لا يقارب (أحد) منهم أن (يؤدي الأمانة) الموضوعة عنده قبل ذلك إلى مستحقها، فيقل الأمناء فيهم (حتى يقال) من غاية قلة الأمانة في الناس: (إن في بني فلان رجلًا أمينًا) أي: شخصًا واحدًا يؤمن ويؤدي الأمانة إلى مستحقها لا غير.
وتقل فيهم الأمانة التي هي ثمرة الإيمان، وتكثر فيهم الخيانة التي هي ثمرة النفاق (و) يتمرنون عليها (حتى يقال للرجل) المنافق الخائن منهم؛ أي: حتى يقولوا للمنافق الخائن من أرباب الدنيا ممن له عقل وحيلة في تحصيل المال والجاه، وطبع في الشعر والنثر فصاحةً وبلاغةً، وقوةً بدنيةً وشجاعةً وشوكةً؛ تعجبًا منه ومدحًا له:(ما أعقله! ) أي: ما أكمله في عقله (و) ما (أجلده! )