للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَان وَلَسْتُ أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ؛ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا .. لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ إِسْلَامُهُ،

===

الأمانة من تلك القلوب التي جبلت على حفظها، وعدم الخون فيها حتى لا يبقى فيها إلَّا مثل الوكت، ثم مثل المجل، على ما تقدم. انتهى.

قال حذيفة: (و) الله الذي نفسي بيده القد أتى) ومر (علي زمان و) الحال أني (لست أبالي) ولا أَكْتَرثُ (أيكم بايعت) أي: الذي عاقدت معه عقد البيع والشراء منكم، و (أي): موصولة منصوبة؛ على أنَّها مفعول مقدم.

والله (لئن كان) الذي عاقدت معه (مسلمًا .. ليردنه علي) بحقي (إسلامُه) أي: حُكْمُ إسلامهِ ودينهِ وخوفه من الله تعالى؛ أي: يقضي لي ديني الذي عليه بعقد المبايعة خوفُه من ربه.

وفي "المفهم": قوله: (لا أبالي أيكم بايعت) من البيع، لا من المبايعة والعهد؛ لأن اليهودي والنصراني لا يبايع بيعة الإسلام، ولا بيعة الإمامة، وإنما يعني: أن الأمانة قد رفعت من الناس، فقلَّ من يُؤْمَن على البيع والشراء.

ومعنى قوله: (وما أبالي أيكم بايعت): أنه لوثوقه سلفًا بوجود الأمانة في الناس كان يُقْدِم على مبايعة من اتفق، من غير بحث عن حاله، فلما بدا التغير في الناس وظهرت الخيانة .. صار لا يبايع إلَّا من يعرف حاله من الناس.

و(أي) هنا موصولة منصوبة؛ على أنَّها مفعول به لي (أبالي)، وجملة (بايعت) صلتها، والعائد محذوف؛ تقديره: لا أبالي الذي بايعته منكم.

وقوله: (لئن كان مسلمًا) جواب عن سؤال مقدر؛ كأن قائلًا قال له: لَمْ لا تبالي ولم تزل الخيانة موجودة؟ فأجاب بأنه وإن كان الأمر كذلك، لكنه يَثِقُ - بالمثلثة - بالمؤمن لذاته، وبالكافر لوجود ساعيه، وهو الذي يحكم عليه، وكانوا لا يستعملون في كلّ عمل قلّ أو جلّ إلَّا المسلم، فكان واثقًا بإنصافه،

<<  <  ج: ص:  >  >>