وتخليص حقه من الكافر إن خانه، بخلاف العصر الأخير الذي أشار إليه؛ فإنه صار لا يبايع إلَّا أفرادًا من الناس. انتهى "فتح الملهم".
(ولئن كان) الذي أبايعه (يهوديًّا أو نصرانيًا .. ليردنه علي) في أداء حقي (ساعيه) أي: كفيله أو ضمينه (فأما اليوم) الحاضر .. (فما كنت) مريدًا (لأبايع) - بكسر اللام ونصب الفعل بعدها - لأنَّها لام الجحود؛ لوقوعها بعد كان المنفية بـ (ما) أي: ما كنت مريد البيع مع أحد منكم (إلَّا فلانًا وفلانًا) أي: إلَّا أفرادًا قلائل من الناس؛ لرفع الأمانة وقلة الأمناء.
وقد تقدم آنفًا أن معنى المبايعة هنا: البيع والشراء المعروفان؛ ومراده: أني كنت أعلم أن الأمانة لَمْ ترتفع، وأن في الناس وفاءً بالعهود، فكنت أقوم على مبايعة من اتفق لي من غير بحث عن حاله؛ وثوقًا بالناس وأمانتهم؛ فإنه إن كان مسلمًا .. فدينه وأمانته تمنعه من خيانته، وتحمله على أداء الأمانة.
وإن كان كافرًا .. فساعيه؛ وهو الوالي عليه، كان يقوم أيضًا بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه.
وأما اليوم .. فقد ذهبت الأمانة، فما بقي لي وثوق بمن أبايعه، ولا بالساعي في أداء الأمانة، فما أبايع إلَّا فلانًا وفلانًا؛ يعني: أفرادًا من الناس أعرفهم وأثق بهم.
والحاصل: أنه أشار بقوله: (إلَّا فلانًا وفلانًا) إلى العصر الذي أدركه، والأمانة فيهم بالنسبة إلى العصر الأول .. أقلّ، وأما الذي ينتظره .. فإنه حيث تفتقد الأمانة من الجميع إلَّا النادر منهم.
وحاصل هذا الخبر: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنذر برفع الأمانة، وأن