للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وفي "القسطلاني": قوله: "هو أهون على الله من ذلك" معناه: هو أهون وأحقر وأضعف من أن يجعل الله شيئًا من ذلك آيةً على صدقه، لا سيما وقد جعل الله فيه آية ظاهرة على كذبه وكفره، يقرؤها من قرأ ومن لا يقرأ؛ زيادةً على شواهد كذبه من حدوثه ونقصه بالعور، وليس المراد: ظاهره، وأنه لا يجعل على يديه شيئًا من ذلك، بل هو على التأويل المذكور. انتهى منه.

قال القرطبي: قوله: "هو أهون على الله من ذلك" أي: إنَّ الدجالَ على الله أهون من أن يجعل الله ما يخلقه على يديه من الخوارق مضلًا للمؤمنين ومشككًا لهم، بل ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم، وليرتاب الذين في قلوبهم مرض والكافرون؛ كما قال له الذي قتله ثم أحياه: (ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن)، وقد تضمنت تلك الأحاديث المتقدمة أن عيسى عليه السلام ينزل ويقتل الدجال، وهو مذهب أهل السنة، والذي دل عليه قوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (١)، والأحاديث الكثيرة الصحيحة المنتشرة، وليس في العقل ما يحيل ذلك ويرده، فيجب الإيمان به، والتصديق بكل ذلك، ولا يبالى بمن خالف في ذلك من المبتدعة، ولا حجة لهم في اعتمادهم في نفي ذلك على التمسك بقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٢)، وبما ورد في السنة: من أنه لا نبي بعده ولا رسول، ولا بإجماع المسلمين على ذلك، ولا على أن شرعنا لا ينسخ وهو ثابت إلى يوم القيامة؛ لأنا نقول بموجب ذلك كله: إن عيسى عليه السلام إنما ينزل؛ لقتل الدجال، ولإحياء شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وليعمل بأحكامها، وليقيم العدل على مقتضاها، وليقهر الكفار، وليظهر للنصارى ضلالتهم، ويتبرأ


(١) سورة النساء: (١٥٨).
(٢) سورة الأحزاب: (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>