خلاف، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر وعلم جهلهم بحكم مائه .. قاس عليه جهلهم بحكم صيده مع عموم قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ... } الآية (١)، فزاد في الجواب إرشادًا وهداية قوله:"الحل ميتته". انتهى "علي القاري".
وقال صاحب "مرقاة الصعود": قال الطيبي: سُئل عن ماء البحر فقط، فأجابهم عن مائه وطعامه؛ لعلمه بأنه قد يعوزهم الزاد في البحر، كما يعوزهم ماء بئر، فلما جمعتها الحاجة منهم .. انتظم جوابه لهم، وأيضًا فإن علم طهارة الماء مستفيض عند الخاصة والعامة، وعلم ميتة البحر وكونها حلالًا .. مشكل أصالة، فلما رأى السائل جاهلًا بأظهر الأمرين لا يتبين حكمه عنده .. علم أن أخفاهما أولى ببيانه، قال: وإنما ارتابوا في ماء البحر؛ لأنهم لما رأوا تغيره في اللون وملوحة الطعم -وكان من المعقول عندهم في الطهور أنه الماء المفطور على خلقته السليم في نفسه الخلي من الأعراض المؤثرة فيه- قال:"الطهور ماؤه"، وأيضًا لما أعلمهم بطهارة ماء البحر، وقد عُلم أن في البحر حيوانًا قد يموت فيه والميتة نجسة .. احتاج إلى أن يعلّمهم أن حكم هذا النوع من الميتة خلاف غيره؛ كي لا يتوهموا أن ماءه نجس بحلولها فيه. انتهى من "البذل".
قوله:(هو الطهور ماؤه) يحتمل في إعرابه: أربعة أوجه:
الأول: أن يكون هو مبتدأ، والطهور مبتدأ ثان، خبره ماؤه، والجملة خبر المبتدأ الأول.
الثاني: أن يكون هو مبتدأ خبره الطهور، وماؤه بدل اشتمال منه.
والثالث: أن يكون هو ضمير الشأن، والطهور ماؤه مبتدأ وخبر.