من آمن بي) أي: صدق برسالتي (وصدقني) عطف مرادف على ما قبله (وعلم أن ما جئت به) من الأوامر والنواهي (هو الحق من عندك) بامتثال الأوامر واجتناب النواهي .. (فأقلل ماله وولده) لأن من كان مقلًّا منهما .. يسهل عليه التوسع في عمل الآخرة، والمتوسع في متاع الدنيا لا يمكنه التوسع في عمل الآخرة؛ لما بينهما من التباين والتضاد.
ومن ثم قال ابن مسهر: نعمةُ الله علينا فيما زوى عنا من الدنيا أعظمُ من نعمته فيما بسَطَ منها، والله سبحانه لم يرض الدنيا أهلًا لعقوبةِ أعدائه؛ كما لم يرضها أهلًا لإثابة أحبابه، وإن كانت معجلة؛ فقد تكون قساوةً في القلب، أو جمودًا في العين، أو تعويقًا عن طاعة الله، ووقوعًا في ذنب أو فترة في الهمة، أو سَلْبَ لذة خدمة.
وذهَبَ ابن العربي إلى أن المراد بإقلال ذلك وبإعدامه أو أخذه - كما في رواية أخرى -: أَخْذُ ذلك من قَلبه، مع وجوده عنده، وأنه يُؤثِر حُبَّ الله على حب هؤلاء، كذا في "فيض القدير"(٢/ ١٢٩).
قال السندي: قوله: "فأقلل ماله وولده" أي: لا يفتتن بشيء منهما؛ فإن الكثرة فيهما لا تخلو من فتنة؛ أو لأن كثرة الأولاد عند قلة المال تؤدي إلى المعاصي وترك التمييز بين الحلال والحرام. انتهى منه.
(وحبب إليه لقاءك) أي: حبب إليه الموت ليلقاك، ومن أحب لقاء الله .. أحب الله لقاءه (وعجل له القضاء) أي: الموت؛ حتى لا يفتتن بطول العمر، أو حتى يخلص من تعب الدنيا (ومن لم يؤمن بي) أي: برسالتي (ولم يصدقني)