للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ظنية، لا دلالة عقلية، ترتَّب على ذلك عدمُ الغلوِّ في تعظيم من حسنت أعماله الظاهرة؛ إذ لعل الله تعالى يعلم من قلبه وصفًا مذمومًا لا تصح معه تلك الأفعال.

وترتَّبَ أيضًا عليه عدم احتقار مسلمٍ ساءت أفعاله الظاهرة؛ إذ لعل الله تعالى يعلم من قلبه وصفًا محمودًا يغفر له بسببه، وهذا في الحكم على عاقبة الرجل الذي ساءت أفعاله الظاهرة، فلا يحكم عليه بكونه من النار مثلًا، فإنه يمكن أن يغفر له الله تعالى؛ لتوبته فيما بعد، أو لسبب من الأسباب، ولا يجوز لبشر أن يتحكم على الله تعالى، أما بالنسبة لأفعاله .. فلا شك في أنها يحكم عليها بكونها ذنبًا أو معصيةً، ويجب أن ينكر عليها، وإلا .. لتعطلت الأحكامُ كلُّها.

والذي يظهر عندي من معنى الحديث: أن الله تعالى لا ينظر إلى قوة أجسادكم وإلى صوركم الحسنة، وإنما ينظر إلى أعمالكم الظاهرة والباطنة جميعًا، فأشار بقوله: "قلوبكم" إلى الأعمال الباطنة؛ كما أشار بقوله: "أعمالكم" إلى الأعمال الظاهرة.

والحاصل: أن من حسن عمله .. رضي عنه الله تعالى، سواء كان نحيف الجسم دميم الصورة، ومن ساء عمله .. سخط الله منه سبحانه وتعالى، سواء كان قوي الجسم حسن الصورة، فلا مجال في هذا الحديث لمن ادعى: (أن المطلوب من الإنسان تزكية القلب فقط، ولا عبرة بأفعاله الظاهرة، فيفعل في ظاهره ما يشاء) كما تفوه بذلك بعضُ الملاحِدة، وجهلة المتصوفة، ونصوص القرآن والسنة مطبقةٌ على كون الإنسان مكلفًا على تصحيح أعماله الظاهرة.

والواقع أن الأعمال الظاهرة لا تفسد إلا بفساد القلب، فهي علامة على فساد

<<  <  ج: ص:  >  >>