(حتى كان يكون) فكان زائدة هنا؛ لتأكيد معنى الكلام؛ أي: فنقص نصيب المقسوم حتى يكون (للرجل منا) أي: حتى يكون نصيب الرجل منا (تمرة) واحدة؛ فأل في قوله:(للرجل) زائدة أو للاختصاص، وهو على تقدير مضاف للرجل (فقيل) أي: قال بعضنا لجابر بن عبد الله: (يا أبا عبد الله) وهو كنية جابر (وأين تقع) أي: تنفع (التمرة) الواحدة (من الرجل؟ ) أي: لا تسد من الجوع شيئًا، ولا تدفع عنه شيئًا (فقال) جابر في جواب السائل: والله (لقد وجدنا) وعلمنا (فقدها) بالكلية؛ أي: حَزِنَّا أو وجدناه مؤثرًا (حين فقدناها) أي: فعرفنا بذلك نفعها - أي: التمرة - حين فقد ناها (وأَتَيْنَا البحر) أي: مررنا على ساحله (فإذا نحنُ) راؤون مفاجأة (بحوتٍ) وسمكٍ (قد قذفه) ورماه (البحر) على سَاحِلهِ (فأكَلْنَا) نحن (منه) أي: من لحمه (ثمانية عشر يومًا) ونحن ثلاث مئة نفر، ورواية المؤلف مختصرة جدًّا، فلا يستفاد منها المراد إلا بتقدير ونظر دقيق.
وفي هذا الحديث: بيان ما كانت الصحابة عليه رضوان الله تعالى عليهم من الزهد في الدنيا والتقلل منها، والصبر على الجوع وخشونة العيش، وإقدامهم على الغزو مع هذا الحال.
ثم إن مدة أكلهم منها ثمانية عشر في رواية المؤلف، وفي رواية لمسلم:(أكلنا منها شهرًا)، وفي رواية عمرو بن دينار:(أكلنا منها نصف شهر)، قال النووي: طريق الجمع بين هذه الروايات: أن من روى: (شهرًا) .. هو الأصل ومعه زيادة علم، ومن روى دونه .. لم يَنْفِ الزيادةَ، ولو نفاها .. قدم المثبت،