والمراد بذكر المثقال: التمثيل بأقل درجات الإيمان؛ وهو مجرد التصديق، وأقل درجات الكبر بأقل مثاقيل الوزن، والله أعلم.
وفي "القاموس": والخردل: حب شجر مُسخّن ملطِّف جاذب، قالع للبلغم، ملين هاضم، نافعٌ طلاؤُه للنِّقْرِس والنسا والبرص، ودخانه يطرد الحيات، وماؤه يسكن وجع الآذان تقطيرًا، ومسحوقه على الضرس الوجع غايةً، والخردل الفارسي نبات بمصر يعرف بحشيشة السلطان. انتهى منه.
والمثقال: مفعال من الثقل؛ ومثقال الشيء: وزنه، يقال: هذا على مثقال هذا؛ أي: على وزنه.
(ولا يَدْخُل النارَ) أي: لا يُخلَّد في النار (من كان في قلبه) أي: في اعتقاده (مثقالُ حبة) أي: وزنُ حبة (مِن خردل): حبٌّ معروف من الأبازير (من إيمان) تمييز لـ (مثقال) مجرور بـ (من) البيانية.
والمراد بالإيمان في هذا الحديث: التصديقُ القلبي المذكور في حديث جبرائيل عليه السلام، ويُستفاد منه أن التصديق القلبيَّ على مراتب، ويزيد بكثرة الأعمال الصالحة، وينقص بنقصان الأعمال الصالحة.
وهذه النار المذكورة هنا: هي النار المُعدَّةُ للكفار، لا يَخْرُج منها من دخلها؛ لأنه قد جاء في أحاديث الشفاعة أن خَلْقًا كثيرًا مِمَّنْ في قلبه ذرات كثيرة من إيمان يدخلون النار، ثم يخرجون منها بالشفاعة، أو بالقبضة من أرحم الراحمين.
والجمع بين ما هنا وما هناك من إثبات دخولها: أن النار دركات؛ كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}(١).