(فيم باتت يده) أي: على أي محل كانت يده في الليل، هل أصابت موضع النجاسة أم لا؟ فلعله تعلق باليد في حكة بها بثرة أو مس بها شيئًا من مغابن البدن أو فضوله، فاستحب له غسلها لذلك، قال النووي: إن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار؛ لقلة الماء عندهم وبلادهم حارة، فإذا نام أحدهم .. عرق فلا يأمن النائم أن يطوف بيده على ذلك الموضع النجس، أو على بثرة أو دملة أو قذر، أو غير ذلك.
وفي هذا الحديث دلالة على مسائل كثيرة عندنا وعند الجمهور:
منها: أن الماء القليل إذا وردت عليه نجاسة .. نجسته، وإن قلّت، وإن لم تغيّر؛ فإنها تنجسه؛ لأن الذي تعلق باليد ولا يُرى قليل جدًّا، وكانت عادتهم استعمال الأواني الصغيرة التي تقل على قلتين، بل لا تقاربهما.
ومنها: الفرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه، وأنها إذا وردت عليه .. نجسته، وإذا ورد عليها .. أزالها.
ومنها: أن الغسل سبعًا ليس عامًا في جميع النجاسات، وإنما ورد الشرع به في ولوغ الكلب خاصة.
ومنها: أن موضع الاستنجاء لا يطهر بالأحجار، بل يبقى نجسًا معفوًا عنه في حق الصلاة.
ومنها: استحباب غسل النجاسة ثلاثًا؛ لأنه إذا أمر به في المتوهمة .. ففي المحققة أولى.
ومنها: استحباب الغسل ثلاثًا في المتوهمة.
ومنها: أن النجاسة المتوهمة يستحب فيها الغسل، ولا يكفي فيها الرش؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال: حتى يغسلها، ولم يقل: حتى يغسلها أو يرشها.