للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ يُرَاءِ .. يُرَاءِ اللهُ بِهِ".

===

وقيل: معناه: من نسب إلى نفسه عملًا صالحًا لم يفعله، وادَّعى خيرًا لم يصنعه .. فإن الله يفضحه ويظهر كذبه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.

(ومن يراء) أي: ومن يقصد بعمله الصالح إراءة الناس؛ ليراه الناس يفعل ذلك فيعتقدوا الخير والصلاح فيه .. (يراء الله) عز وجل الناس (به) أي: بذلك المرائي؛ أي: يُرِي الله الناسَ عيوبَه في الآخرة؛ ليفتضح أمامهم، وقيل: أراه الله ثواب ذلك العمل الذي قصد به الرياء من غير أن يعطيه إياه؛ ليكون حسرة عليه يوم القيامة، أعاذنا الله تعالى من بلاء الدنيا والآخرة.

وقال ابن عبد السلام: الرياء: أن يعمل لغير الله؛ والسمعة: أن يخفي عمله لله، ثم يحدث به الناس.

وقال الخطابي: معناه: من عمل عملًا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس وليسمعوه .. جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه، وقيل: من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله .. فإن الله يجعله حديثًا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة، كذا في "الفتح" (١١/ ٣٣٦).

وفي الحديث استحسان إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره في حق من يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه في روايته بهذا السند، ولكن له شاهد في "الصحيحين" من حديث جندب؛ وهو الحديث التالي لهذا الحديث في كلام المؤلف، أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، ومسلم في كتاب الزهد، باب الصدقة في المساكين، والترمذي في الزهد، باب ما جاء في الرياء والسمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>