للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ووقع في معظم الروايات - كمسلم - بإفراد النية، ووجه إفراده حينئذ: أن محل النية القلب، وهو متحد، فناسب إفرادها، بخلاف الأعمال؛ فإنها متعلقة بالظواهر، وهي متعددة، فناسب جمعها، ولأن النية ترجع إلى الإخلاص، وهو واحد للواحد الذي لا شريك له.

قال النووي: والنية: القصد؛ وهو عزيمة القلب، وتعقبه الكرماني: بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد.

وقال البيضاوي: النية: عبارة عن انبعاث القلب نَحْوَ ما يراه موافقًا لغرض؛ من جلب نفع، أو دفع ضر، حالًا أو مآلًا.

والشرع خصصه بالإرادة المتوجهةِ نَحْوَ الفعلِ؛ لابتغاء رضاء الله تعالى وامتثال حِكَمِه.

والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي؛ ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر؛ فإنه تفصيل لما أجمل أولًا.

ولفظة: (إنما) موضوعة للحصر، تثبت المذكور وتنفي ما سواه؛ كما مر آنفًا.

فتقدير هذا الحديث: أن الأعمال تحسب إذا كانت بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية؛ والمعنى: إنما الأعمال تثاب بالنية؛ فلا يثاب الرجل على عمل صالح إلا إذا أراد به وَجْهَ الله تعالى.

والمراد بـ (الأعمال): المشروعةُ؛ كما دل عليه تمثيلها بالهجرة؛ فالأعمال المشروعة، سواء كانت واجبة أو مسنونة أو مباحة .. يؤجر عليها بحسب النية، والأمور المباحة لا ثواب عليها ولا عقاب، ولكن إذا أتى بها الإنسان بنية حسنة .. أثيب عليها؛ مثل أكل الطعام؛ فإنه مباح، ولكن إذا أكل الرجل بنية التقوي

<<  <  ج: ص:  >  >>