وقوله:(فإذا بشر بعذاب الله) فيه: تهكم؛ نحو:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}(١)، أو مشاكلة للمقابلة، أو المراد: المعنى اللغوي؛ أي: أخبر (بعذاب الله) في القبر .. (كره لقاء الله، وكره الله لقاءه).
وفي حديث عائشة عند عبد بن حميد مرفوعًا:(إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا .. قيض له قبل موته بعام ملكًا يسدده ويوفقه، حتى يقال: مات بخير ما كان عليه، فإذا حضر ورأى ثوابه .. اشتاقت نفسه، فذلك حين أحب لقاء الله، وأحب الله لقاءه، وإذا أراد الله بعبدٍ شرًّا .. قيض له قبل موته بعام شيطانًا فأضله وفتنه، حتى يقال: مات بشر ما كان عليه، فإذا حضر ورأى ما أعد له من العذاب .. جزعت نفسه، فذلك حين كره لقاء الله، وكره الله لقاءه).
وفي هذا الحديث فوائد؛ منها: أن المحتضر إذا ظهرت علامات السرور .. كان ذلك دليلًا على أنه بشر بالخير، وكذا بالعكس.
ومنها: أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت؛ لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت؛ كأن تكون المحبة حاصلة، بحيث لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره، وأن النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة، وأما عند الاحتضار والمعاينة .. فلا تدخل تحت النهي، بل هي مستحبة.
ومنها: أن في كراهية تمني الموت في حال الصحة تفصيلًا؛ فمن كرهه إيثارًا للحياة على ما بعد الموت من نعيم الآخرة .. كان مذمومًا، ومن كرهه خشية أن يفضي إلى المؤاخذة؛ كأن يكون مقصرًا في العمل لم يستعد له بالأهبة؛ بأن يتخلص من التبعات ويقوم بأمر الله كما يجب .. فهو معذور، لكن ينبغي لمن