للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَلِكَ أَنَ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَد، أَوْ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَحْمَرِ".

===

قوله: (أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة) قال ابن التين: ذكره بلفظ الاستفهام؛ لإرادة تقرير البشارة بذلك، وذكره بالتدريج؛ ليكون أعظم لسرورهم قوله: (قلنا: بلى) وفي رواية لمسلم: (فكبرنا) في الموضعين، وفي حديث أبي سعيد عند البخاري: (فحمدنا الله وكبرنا).

قوله: (أن تكونوا نصف أهل الجنة) لم يقل هذا أولًا، لكون ذلك أوقع في نفوسهم، وأبلغ في إكرامهم؛ فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى دليل على الاعتناء به، ودوام ملاحظته.

وفيه فائدة أخرى: وهي تكرير البشارة مرة بعد أخرى، وكرة بعد الأولى.

وفيه أيضًا: حملهم على تجديد شكر الله تعالى وتكبيره وحمده على كثرة نعمه، ثم إنه قد ثبت في الحديث الآخر أن أهل الجنة عشرون ومئة صف، هذه الأمة منها ثمانون صفًا، وهذا يدل على كونهم ثلثي أهل الجنة، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أولًا بحديث الشطر، ثم تفضل الله تعالى بالزيادة، فأعلم بحديث الصفوف، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث معروفة؛ كحديث جماعة الصلاة ونحوه.

(وذلك) أي: سبب طمعي كونكم نصف أهل الجنة (أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة) أي: منقادة لأوامر الشرع ونواهيه (وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء) أي: إلا كنسبة الشعرة البيضاء إلى الشعر الأسود (في جلد الثور الأسود) في القلة (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي: (كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر) بدل الأسود؛ والمراد بالأحمر هنا:

<<  <  ج: ص:  >  >>