قيل: وجه مطابقة هذا جوابًا لقوله: (ما هذه البطاقة) أن اسم الإشارة للتحقير كأنه أنكر أن يكون مع هذه البطاقة المحقرة موازنة لتلك السجلات الكثيرة، فرد بقوله:(إنك لا تظلم) بحقيرة؛ أي: لا تحقر هذه البطاقة؛ فإنها عظيمة عند الله سبحانه؛ إذ لا يثقل مع اسم الله شيء، ولو ثقل عليه شيء .. لظلمت.
(فتوضع) تلك (السجلات) الكثيرة (في كفة) اليسار من الميزان (و) توضع (البطاقة) الصغيرة (في كفة) اليمين؛ و (الكفة) - بكسر وتشديد - أي: فردة من زوجي الميزان؛ ففي "القاموس": الكفة - بالكسر - من الميزان معروف ويفتح (و) توضع (البطاقة)(في) كفة (أخرى) وهي كفة اليمين؛ لأنَّها كفة الحسنات (فطاشت السجلات)؛ خفت كفتها وارتفعت إلى جهة العلو (وثقلت البطاقة) أي: كفتها وانخفضت ورجحت على كفة السجلات، والتعبير بالمضي في الموضعين .. إشارة إلى تحقق ذلك في الموضعين.
(قال محمد بن يحيى) بن عبد الله شيخ المؤلف، الذهلي النيسابوري بالسند السابق رحمه الله تعالى:(البطاقة) هي (الرقعة)؛ أي: الورقة المكتوبة (وأهل مصر يقولون للرقعة: بطاقة) والمعنى واحد.
فإن قيل: الأعمال أعراض لا يمكن وزنها، وإنما توزن الأجسام؟
أجيب: بأنه يوزن السجل الذي كتب فيه الأعمال، ويختلف باختلاف الأحوال، أو أن الله يجسم الأفعال والأقوال، فتوزن فتثقل الطاعات، وتطيش السيئات؛ لثقل العبادة على النفس، وخفة المعصية عليها، ولذا ورد:(حفت الجَنَّة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات).