للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (١) فأثبت الموت مخلوقًا، وعلى المذهبين ليس الموت بجسمٍ في صورة كبشٍ وغيره، فيتأول الحديث على أن الله تعالى يخلق هذا الجسم، ثم يذبح مثالًا، كذا قال النووي في "شرح مسلم" (١٧/ ١٨٥).

وفي الباب أحاديث في الصحاح وفي السنن, فيها ذكر الكبش والإضجاع والذبح ومعاينة الفريقين.

قال ابن القيم في "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" (٢٨٩): وذلك حقيقة لا خيال ولا تمثيل، كما أخطأ فيه بعض الناس خطأ قبيحًا، وقال: الموت عرض والعرض لا يتجسم، فضلًا عن أن يذبح، وهذا لا يصح؛ فإن الله سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح؛ كما ينشئ من الأعمال صورًا معاينة يثاب بها ويعاقب عليها، والله تعالى ينشئ من الأعراض أجسامًا تكون الأعراض مادة لها وينشئ من الأجسام أعراضًا؛ كما ينشئ سبحانه من الأعراض أعراضًا، ومن الأجسام أجسامًا، فالأقسام الأربعة ممكنة مقدورة للرب تعالى، ولا يستلزم جمعًا بين النقيضين، ولا شيئًا من المحال، ولا حاجة إلى تكلف من قال: إن الذبح لِمَلَكِ الموت، فهذا كله من الاستدراك الفاسد على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والتأويل الباطل الذي لا يوجبه عقل ولا نقل، وسببه قلة الفهم لمراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه، فظن هذا القائل أن لفظ الحديث دل على أن نفس العرض يذبح، وظَنَّ غالطٌ آخرُ أن العرض يزول ويعدم ويصير مكانه جسم يذبح، ولم يهتد الفريقان إلى هذا القول الذي ذكرناه، وأن الله سبحانه ينشئ من الأعراض أجسامًا يجعلها مادةً لها؛ كما في الصحاح عنه صلى الله عليه وسلم: "تجيء سورتا البقرة وآل عمران يوم القيامة؛ كأنهما


(١) سورة الملك: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>