للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ".

===

(وكثرة الخُطا إلى المساجد) بِبُعد الدار عنها، قال القاضي عياض: تكون ببُعد الدار عن المسجد، وبكثرة تكرار الرجوع إليه، والخُطا جمع الخطوة؛ وهي -بضم الخاء-: ما بين القدمين، وبفتحها: المصدر، ويكون للمرة، وكثرتها أعم من أن يكون ببُعد الدار وبكثرة التكرار. انتهى "مبارق".

وفي "الأُبي": قال عز الدين بن عبد السلام: ولا يمر إلى المسجد من أبعد طريقيه؛ لتكثر الخطا؛ لأن الغرض الحصول في المسجد، والحديث إنما هو تنشيط لمن بعُدت داره؛ لئلا يكسل، وإمام المسجد لا يمنعه أخذ المرتب من ثواب تكراره إليه، وكان الشيخ ابن عرفة إمام الجامع الأعظم بتونس، ولداره بُعد منه، فكان يقول - وقد نيف عمره على الثمانين سنة -: منعني من النقلة إلى قرب الجامع حديث بني سلمة؛ يعني: قوله صلى الله عليه وسلم لهم حين أرادوا التحول إلى قرب المسجد: "يا بني سلمة؛ دياركم تكتب آثاركم" ومن نحو ما ذكر في المنع أن يؤثر أبعد المسجدين منه بالصلاة فيه؛ لكثرة الخُطا مع ما جاء: "لا صلاة لجار المسجد إلَّا في المسجد" إلَّا إذا كان الأبعد كثير الجماعة، ولم يكن إمام المسجد القريب، ولا مؤذنه، ولا من يحضر الناس بحضوره، وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: قلت: يا رسول الله؛ إني بين جارين فإلى أيهما أُهدي؟ قال: إلى "أقربهما دارًا". انتهى من "الأبي".

(وانتظار) وقت (الصلاة) الثانية بمراقبته؛ ليفعلها في الوقت الأفضل (بعد) فعل (الصلاة) الأولى وأدائها في وقتها؛ كانتظار وقت العصر بعد الظهر، والعشاء بعد المغرب، وقيل: المراد بالانتظار الجلوس في المسجد؛ ليفعلها جماعة، قال ابن العربي: ويحتمل أن يريد بالانتظار تعلق القلب بالصلاة، فيعم الخمس، وقال ابن عرفة: جلوس الإمام في المسجد ينتظر الصلاة يدفع بذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>