في القلوب؛ أي: بالغة النهاية في الإنذار والتخويف، مأخوذ من المبالغة بمعنى البلوغ نهايةَ الشيء، لا من المبالغة البيانية التي هي بلوغ المتكلم في تأدية المعنى حدًا له اختصاص بتوفية خواص التركيب، وإيراد أنواع الكلام من المجاز والكناية والتشبيه على وجهها؛ لعدم المناسبة بالمقام. انتهى "السندي".
سالت (منها العيون) دموعًا كثيرة، وفي إسناد السيلان إلى العيون مع أن السائل
دموعها .. مجاز مرسل من إسناد ما للشيء إلى محله، نحو سال الوادي؛ يعني:
أنها أثرت فيهم ظاهرًا وباطنًا، (فقيل) له صلى الله عليه وسلم؛ أي: قال له بعض الحاضرين: (يا رسول الله) كأنك (وعظتنا) اليوم (موعظة مودع) اسم فاعل من ودع الرباعي المضعف؛ أي: موعظة من يريد الوداع لفراق القوم وارتحاله؛ يعني: أن مبالغتها تدل على أنك تودعنا؛ فإن المودع عند الوداع لا يترك شيئًا مما يهتم به، (فاعهد) أي: أَوْصِ (إلينا بعهد) أي: بوصية لا ننساها، ونعمل بها، فعهد إليهم بعد ذلك.
(فقال) في عهده ووصيته: و (عليكم) اسم فعل أمر بمعنى الزم؛ أي: الزموا أيها الناس (بتقوى الله) سبحانه وتعالى؛ أي: بخشية الله؛ بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه في السر والعلن، (و) عليكم بـ (السمع) لأمرائكم فيما يقولونه، (و) عليكم بـ (الطاعة) والانقياد لهم فيما يأمرون به، وعطفهما على ما قبلهما من عطف الخاص على العام اهتمامًا به، (وإن) كان الأمير (عبدًا حبشيًا) أي: عبدًا يشترى من الحبشة؛ لأن الحبشة تسرق في ذلك الوقت