للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَشَرَّ الْأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

===

القرآن {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (١)، والهدى الثاني: بمعنى التأييد والعصمة من تأثير الذنوب والتوفيق، وهذا هو الهدى الذي لا ينسب إلا لله تعالى، وهو المراد بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (٢).

وحملت القدرية هذا الهدى على البيان بناء على أصلهم الفاسد، ويرد عليهم قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٣)، ففرق بين الدلالة والهداية، قال أبو عبيد: الهدي بفتح الهاء وسكون الدال: هو الطريق، فهدي محمد طريقه؛ كما يقال: فلان حسن الهدي؛ أي: المذهب في الأمور كلها والسيرة، ومنه حديث: "اهتدوا بهدي عمار". رواه أحمد (٥/ ٣٩٩)، والترمذي (٣٨٠٧) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. انتهى.

(وشر الأمور) بالنصب على أنه معطوف على لفظ اسم إن، وبالرفع على أنه معطوف على محله، والمراد: ومن شر الأمور محدثاتها، وإلا .. فبعض الأمور كالشرك .. شر من كثير من المحدثات، إلا أن يراد بالمحدثات ما أحدث الناس على مقتضى الهوى مطلقًا، لا ما أحدثوه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها القبائح كلها؛ أي: أقبح الأمور التي تكون بين الناس (محدثاتها) أي: مبتدعاتها ومخترعاتها التي اخترعوها بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد خلفائه رضي الله عنهم التي ليس لها في الشريعة أصل يشهد لها بالصحة والجواز، وهي المسماة بالبدع، كما مر.

قال السندي: قوله: "محدثاتها" بفتح الدال، والمراد بها: ما لا أصل له في


(١) سورة البقرة: (٢).
(٢) سورة القصص: (٥٦).
(٣) سورة يونس: (٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>