الدين مما أُحْدِث بعده صلى الله عليه وسلم، وكل محدثة بدعة (وكل بدعة ضلالة) أي: غواية وميل عن الطريق المستقيم، (وكان) صلى الله عليه وسلم (يقول: من ترك مالًا) بعد وفاته .. (هـ) مقسوم الأهله) أي: لورثته (ومن ترك دينًا) لم يقضه في حياته، (أو ضياعًا) أي: عيالًا وأطفالًا صغارًا ضائعين لا كافل لهم .. (فعلي) قضاء ذلك الدين، (وإلي) موكول أمور أولئك الضياع؛ أي: عليَّ مؤنتهم ونفقتهم، ففي هذا من المحسنات البديعية اللف والنشر المرتب؛ فعلي راجع إلى الدين، وإلي راجع إلى الضياع، والضياع -بفتح الضاد المعجمة-: العيال وأصله مصدر، أو بكسرها جمع ضائع؛ كجياع جمع جائع.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، الحديث (٢٠٠٢)، والحديث (٢٠٠٣)، والحديث (٢٠٠٤)، والنسائي في كتاب العيدين، باب كيف الخطبة، الحديث (١٥٧٧).
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.
قال النضر بن شميل: والضياع بالفتح: العيال، وقال ابن قتيبة: هو مصدر ضاع يضيع ضياعًا، ومثله مضى يمضي مضاء، وقضى يقضي قضاء؛ أراد من ترك عيالًا عالة أو أطفالًا صغارًا، فجاء بالمصدر موضع الاسم؛ كما تقول: ترك فقرًا؛ أي: فقراء، والضياع بالكسر: جمع ضائع؛ مثل جائع وجياع، وضيعة الرجل أيضًا ما يكونُ منه معاشُه من صناعة أو غلة، قاله الأزهري، وقال شمر: ويدخل فيه التجارة والحرفة، يقال: ما ضيعته؟ فتقول: كذا.
قلت: وهذا الكلام إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رفع ما كان