وهذا الحديث يدل على جواز القراءة للمحدث بالحدث الأصغر، وهو مجمع عليه لم نر فيه خلافًا، وعلى عدم جواز القراءة للجُنب، وقد وردت أحاديث في تحريم قراءة القرآن للجُنب، وفي كلها مقال، لكن تحصل القوة بانضمام بعضها إلى بعض؛ لأن بعض الطرق ليس فيه شديد الضعف، وهو يصلح أن يُتمسك به.
قال الخطابي: في الحديث من الفقه أن الجُنب لا يقرأ القرآن، وكذلك الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، وقال مالك في الجُنب: إنه لا يقرأ الآية ونحوها، وقد حُكي أنه قال: تقرأ الحائض، ولا يقرأ الجُنب؛ لأن الحائض إن لم تقرأ .. نسيت القرآن؛ لأن أيام الحيض تتطاول، ومدة الجنابة لا تطول، ورُوي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسًا بقراءة الجُنب القرآن، وأكثر العلماء على تحريمه عليه. انتهى.
وأما قراءة المحدث في المصحف ومسه .. فلا يجوز إلا بطهارة؛ لحديث رواه الأثرم والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابًا، وكان فيه: لا يمس القرآن إلا طاهر)، وأخرجه مالك في "الموطأ" مرسلًا عن عبد الله بن محمد بن عمرو بن حزم: (أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم .. ألا يمس القرآن إلا طاهر)، وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي في "الخلافيات" والطبراني من حديث حكيم بن حزام قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن .. قال:"لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر"، وفي إسناده سويد أبو حاتم، وهو ضعيف، وذكر الطبراني في "الأوسط" أنه تفرد به، وحسّن الحازمي إسناده، وقد ضعّف