وأما الاضطراب في متنه .. فروي بدينار، أو نصف دينار على الشك، وروي:"يتصدق بدينار، فإن لم يجد .. فبنصف دينار"، وروي:"إذا كان دمًا أحمر .. فدينار، وإن كان دمًا أصفر .. فنصف دينار" وروي "إن كان الدم عبيطًا فليتصدق بدينار، وإن كان صفرة .. فنصف دينار". انتهى كلام المنذري، وقال الحافظ في "التلخيص": والاضطراب في إسناد هذا الحديث ومتنه كثير. انتهى.
قلت: لا شك في أن إسناد هذا الحديث ومتنه اختلافًا كثيرًا، لكن مجرد الاختلاف قليلًا كان أو كثيرًا لا يورث الاضطراب القادح في صحة الحديث، بل يشترط له استواء وجوه الاختلاف فمتى رجحت رواية من الروايات المختلفة من حيث الصحة .. قُدّمت ولا تُعلّ الرواية الراجحة بالمرجوحة، وها هنا رواية عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس بلفظ:"فليتصدق بدينار، أو بنصف دينار" .. صحيحة راجحة، فكل رواتها مخرج لهم في الصحيح إلا مقسمًا الراوي عن ابن عباس، فانفرد به البخاري، لكن ما أخرج له إلا حديثًا واحدًا، وقد صحح هذه الرواية الحاكم وابن دقيق العيد، وقال: ما أحسن حديث عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس! فقيل: تذهب إليه، فقال: نعم.
ورواية عبد الحميد هذه لم يخرجها الترمذي، وأخرجها أبو داوود، قال: حدثنا مسدد، نا يحيى عن شعبة، قال: حدثني الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال:"يتصدق بدينار، أو نصف دينار"، قال أبو داوود: هكذا الرواية الصحيحة، قال: دينار، أو نصف دينار، ولم يرفعه