عليها النظر إلى كل شيء من بدنه سواء كان نظره ونظرها بشهوة أم بغيرها، وقال بعض أصحابنا: لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة، وليس هذا القول بشيء، ولا فرق أيضًا بين الأمة والحرة إذا كانتا أجنبيتين، وكذالك يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة، سواء كان نظره بشهوة أم لا، وسواء أمن الفتنة أم خافها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، نص عليه الشافعي وحُذاق أصحابه، ودليله أنه في معنى المرأة؛ فإنه يشتهى كما تشتهى المرأة، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنىً آخر؛ وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة، والله أعلم.
وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة، أما الزوجان .. فلكل منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعًا إلا الفرج نفسه، ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا؛ أصحها: أنه مكروه لكل واحد منهما النظر إلى فرج صاحبه من غير حاجة، وليس بحرام. والثاني: أنه حرام عليهما. والثالث: أنه حرام على الرجل مكروه للمرأة، والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهية أو تحريمًا. وأما السيد مع أمته .. فإن كان يملك وطأها .. فهما كالزوجين، وإن كانت محرمة عليه بنسب؛ كأخته وعمته وخالته، أو برضاع أو مصاهرة؛ كأم الزوجة وبنتها وزوجة ابنه .. فهي كما إذا كانت حرة، وإن كانت مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو معتدة أو مكاتبة أو أمة مزوجة .. فهي كالأمة الأجنبية، وأما نظر الرجل إلى محارمه ونظرهن إليه .. فالصحيح أنه يُباح فيما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل؛ لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف، والله سبحانه وتعالى أعلم.