في أول الأمر في السنة الأولى من الهجرة، كما مر، ويرجحه أيضًا عمل أهل مكة والمدينة به، وذهب أبو حنيفة رحمه الله والكوفيون إلى عدم استحباب الترجيع، وحجتهم حديث عبد الله بن زيد من غير ترجيع فيه، وأذان الملك النازل من السماء على عبد الله بن زيد في المنام لم يكن فيه ترجيع أيضًا.
والجواب عن حديث أبي محذورة: أن الترجيع في أذانه لم يكن لأجل الأذان، بل كان لأجل التعليم؛ فإنه كان كافرًا، فكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادتين برفع الصوت؛ لترسخا في قلبه، كما تدل عليه قصته المفصلة، فظن أبو محذورة أنه ترجيع، وأنه في أصل الأذان، وقد روى الطبراني في "معجمه الأوسط" عن أبي محذورة أنه قال: (ألقى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفًا حرفًا: الله أكبر الله أكبر ... ) إلى آخره، لم يذكر فيه ترجيعًا، وأذان بلال بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا وحضرًا قبل حنين وبعده، وهو مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطباق أهل الإسلام إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومؤذن أبي بكر الصديق إلى أن تُوفي من غير ترجيع، وأيضًا يدل على عدم الترجيع ما رواه أبو داوود والنسائي عن ابن عمر قال:(إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين، والإقامة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة)، وفي رواية بلفظ:(مثنى مثنى، والإقامة فرادى)، وفي هذا دليل على أنه لم يكن فيه ترجيع. انتهى "بذل المجهود".
(ثم) بعدما فرغت من الأذان (دعاني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حين قضيت التأذين) وفرغت منه، (فأعطاني) معطوف على دعاني؛