للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "أَرْبَعُونَ عَامًا،

===

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: المدة التي كانت بين وضعيهما (أربعون عامًا) أي: سنة، وفي هذا الجواب إشكال؛ وذلك أن مسجد مكة بناه إبراهيم عليه السلام بنص القرآن؛ إذ قال: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} (١)، والمسجد الأقصى بناه سليمان عليه السلام، كما أخرجه النسائي بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن سليمان بن داوود لما بنى بيت المقدس .. سأل الله تعالى خلالًا ثلاثة؛ سأل الله تعالى حُكمًا يُصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله تعالى مُلكًا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل الله تعالى حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه"، رواه النسائي، وبين إبراهيم وسليمان آماد طويلة، قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة.

قلت: يرتفع الإشكال بأن يقال: الآية والحديث لا يدلان على أن بناء إبراهيم وسليمان حين بنياهما ابتداء وضعهما لهما، بل ذلك تجديد لما كان أسسه غيرهما وبدأه، رُوي أن أول من بنى البيت آدم عليه السلام، فعلى هذا يجوز أن يكون غيره وضع بيت المقدس بعده بأربعين عامًا، والله تعالى أعلم. انتهى "قرطبي".

وأجاب عنه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" بأن الوضع غير البناء، والسؤال عن مدة ما بين وضعهما، لا عن مدة ما بين بناءيهما، فيُحتمل أن يكون واضع الأقصى بعض الأنبياء قبل سليمان، ثم بناه بعد ذلك، قال: ولا بد من تأويله بهذا، ذكره العلامة الخفاجي في "حاشية تفسير البيضاوي". انتهى من "الكوكب".


(١) سورة البقرة: (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>