للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ؛ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ،

===

أي: فديتك، وما بعده منصوب وحذف هذا المقدر تخفيفًا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب، ذكره الطيبي.

وقوله: (أرأيت) الظاهر أنه بفتح التاء لا غير؛ بمعنى: أخبرني، وقوله: بعده (فأخبرني ما تقول؟ ) فيه تفسير له، وقوله: (ما تقول؟ ) فيه إشعار بأن هناك قولًا؛ لكونه قال: (ما تقول) ولم يقل: هل تقول؟ نبه عليه ابن دقيق العيد، وقال: لعله استدل على أصل القول بحركة الفم، كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية. انتهى من "العون".

قوله: اللهم؛ باعد بيني وبين خطاياي (كما باعدت بين المشرق والمغرب) أخرجه مخرج المبالغة؛ لأن المفاعلة إذا لم تكن للمشاركة التي وضعت لها .. فهي تكون للمبالغة والتأكيد لمعنى الثلاثي، وقيل: تفيد البعد من الجانبين، فكأنه قيل: اللهم؛ باعد بيني وبين خطاياي، وباعد بين خطاياي وبيني، والخطايا إما أن يراد بها اللاحقة؛ فمعناه إذا قدر لي ذنب .. فبعد بيني وبينه، أو السابقة؛ فمعناه المحو والغفران لما حصل منها، وهو مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هو في الزمان والمكان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد ألا يبقى لها منه اقتراب بالكلية، وكرر لفظ بين هنا ولم يكررها بين المشرق والمغرب؛ لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الجار، بخلاف العطف على الظاهر.

(اللهم؛ نقني) -بتشديد القاف في الموضعين- لأنه من باب فعل المضعف المعتل اللام؛ أي: صفني (من خطاياي) وذنوبي، (كـ) ـما ينقى ويصفى (الثوب الأبيض من الدنس) أي: من الوسخ، والكاف صفة لمصدر محذوف؛

<<  <  ج: ص:  >  >>