عليه وسلم:(إذا قمت) أي: إذا أردت القيام (إلى الصلاة .. فأسبغ الوضوء) أي: فأكمل الوضوء، (ثم) بعد إسباغ الوضوء (استقبل القبلة) أي: وجه وجهك إلى القبلة، (فكبّر) تكبيرة الإحرام، قال القاضي: يحتج به على عدم وجوب الإقامة، وفي بعض طرقه في المصنفات:(فأقم)، فيُحتج به لوجوبها، ويُحتج به أيضًا على وجوب تكبيرة الإحرام وعلى كونها من الصلاة، وقال الكرخي: ليست التكبيرة من الصلاة.
(ثم) بعدما كبرت (اقرأ ما تيسر) وسهل (معك من القرآن) لا يُحتج بهذا على منع دعاء الاستفتاح؛ لما قلنا: إنه خرج مخرج التعليم فيما وقعت فيه الإساءة، وقوله: "ما تيسر من القرآن" ظاهره أن الفرض مطلق القرآن؛ كما هو قول أبي حنيفة لا خصوص الفاتحة؛ كما هو قول الجمهور، إلا أن يُحمل على الفاتحة بناءً على أنها المتيسرة عادة، أويقال: إن الأعرابي لكونه جاهلًا عادة .. اكتفى منه بما تيسر مطلقًا. انتهى "سندي".
قال القاضي: قوله: "من القرآن" يرد على الحنفي مجيز القراءة بالفارسية إذا أدت المعنى؛ لأن ما ليس بلسان العرب لا يُسمى قرآنًا، قال المازري: ويُحتج بقوله: "ما تيسر" الحنفي على أنه لا تتعين الفاتحة، ويُجاب بأنه يعني بما تيسر من غيرها معها؛ لدلالة الأحاديث الصحيحة على تعينها، وقد يُجاب عنه بأنه يعني بما تيسر الفاتحة؛ لأنها متيسرة لكل أحد. انتهى، وفي "سنن أبي داوود" في قصة المسيء صلاته من رواية رفاعة بن رافع رفعه: "إذا قمت وتوجهت .. فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ"، ولأحمد وابن حبان: "ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت"، وبهذا يزول الإشكال. انتهى "قسطلاني".