(قال) رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (احتج آدم وموسى) بن عمران عليهما السلام؛ أي: تحاجا وتخاصما، قال أبو الحسن القابسي: التقت أرواحمها في السماء، فوقع الحجاج والخصام بينهما، قال القاضي عياض: ويحتمل أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما، وقد ثبت في حديث الإسراء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتمع بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في السماوات وفي بيت المقدس، وصلى بهم، فلا يبعد أن الله عز وجل أحياهم كما جاء في الشهداء.
قال: ويحتمل أن ذلك جرى في حياة موسى، سأل الله تعالى أن يريه آدم، فحاجه (فقال موسى: يا آدم؛ أنت أبونا خيبتنا) أي: أوقعتنا في الخيبة؛ وهي الحرمان والخسران، يقال: خاب يخيب ويخوب؛ أي: جعلتنا خائبين محرومين، (وأخرجتنا من الجنة بذنبك) بأكل الشجرة؛ فلو لم تأكل الشجرة .. لم نقع في الخيبة، وفي رواية:(أنت آدم الذي أغويت الناس، وأخرجتهم من الجنة)، وفي رواية:(أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض)، ومعناه: كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطيئة التي ترتب عليها إخراجك من الجنة، ثم تعرضنا نحن لإغواء الشيطان، والغيُّ: الانهماك في الشر، وفيه جواز إطلاق الشيء على سببه، وفيه ذكر الجنة وهي موجودة من قبل آدم، هذا مذهب أهل الحق.
(فقال له آدم: يا موسى) أنت الذي (اصطفاك الله) سبحانه وخصك (بكلامه) في الدنيا، (وخط) أي: كتب (لك التوراة بيده) المقدسة وفيها تعليم القدر والأمر بالإيمان به، (وتلومني على أمر قدره الله) سبحانه وتعالى